نساء نجفيات.. التحديات الاجتماعية لم تمنعنا من سوق العمل

نساء نجفيات.. التحديات الاجتماعية لم تمنعنا من سوق العمل

خطوة /النجف الاشرف

منذ بزوغ خيوط الفجر الأولى تبدأ جيهان التي تبلغ من العمر ثلاث واربعون عاما في اعداد الطعام لأطفالها وزوجها المقعد.
جيهان تخرج صباحا لتقود السيارة التي كان يعمل فيها زوجها قبل ان يتعرض لحادث مأساوي .

تقول ” كل يوم وقبل ان اذهب الى عملي اتأكد من البانزين وتنظيف السيارة ثم اتحرك باتجاه علوة الخضار التي تقع في أحد المناطق الريفية من أجل شراء الخضار والفواكه ثم اتجه الى عربتي المتواضعة في أحد اسواق مدينة النجف الاشرف لابيع ما اشتريته” .

وتضيف ” إني ام لثلاث اطفال واكبرهم ابنتي التي تبلغ الحادية عشرة من عمرها وهي طالبة في الصف الخامس ابتدائي وعلى الرغم من صغرها الا انها تقوم برعاية والدها واخوتها الصغار حتى عودتي من العمل ” .

وتبين” انتي كنت ربة بيت لا عمل لي الا تربية اطفالي واعداد الطعام لهم وانتظار عودة زوجي من السوق وقد الا اضطرت للخروج الى ذلك العمل وامتهنت البقالة بعد ان تعرض زوجي لحادث سير اثناء عودته من العمل اقعده عن الحركة بشكل نهائي منذ أربع سنوات.

دور استثنائي
سيناء محمد التي تسكن في شارع جيهان تؤكد ” أن جيهان امرأة لها دور استثنائي حيث بقيت المعيلة الوحيدة للعائلة وهي وتقف طوال وقتها لتؤدي طلبات الناس واحتياجاتهم اليومية دون ضجر ورغم انها تشعر بالتعب الشديد – وتردد عبارات ياليت عندي ولد كبير كان يساعدني على الاقل بالمصروف المالي وعندما اسألها عن حالها تبتسم وتقول – الحمد الله بعدني بقوتي ولا احتاج للغير لايهمني عدم مساعدة الأقرباء فهي لا تملك من المال سوى واردها اليومي من العمل وليس لها راتب او معيل سوى جهدها”

دوافع اجتماعية واقتصادية
تقول الباحثة الاجتماعية اميرة حسين ” ان الأسباب التي تدفع النساء إلى العمل بطرق متعددة ومعقّدة ومن بين هذه الأسباب يمكن ذكر استحالة تأمين عيش كريم لعدم توفر فرص عمل أو عدم وجود خدمات عامة كالصحة والتعليم ” .

وأشارت” على الرغم من الطابع الذكوري والعشائري الغالب على المجتمع العراقي، إلا أن وجود نساء عاملات في الأسواق أمر معتاد وطبيعي ولا يثير الاستغراب، حيث تشتهر أسواق الخضار بوجود العديد من البائعات فيها وخصوصاً أسواق المناطق الشعبية و أن نسبة 49 بالمائة من اجمالي السكان هن من النساء، إلا أن فرصهن في العمل مازالت ضئيلة، إذ لا تتجاوز نسبة النساء العراقيات العاملات أكثر 15 بالمائة من حوالي العشرين مليون امرأة عراقية، بينما تقع 85 بالمائة منهن ضحايا عوامل موضوعية تحجم دورهن في المجتمع عموماً وسوق العمل تحديداً ” .

وتبين الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة سوسن الرفيعي” ان الكثير من العوائل يعيشون تحت خط الفقر واغلبهم من المرضى والمحتاجين وكبار السن ونحن نطالب دائما بإيجاد حلول لمشاكل هؤلاء الفقراء الذين لا يملكون سوى قوت يومهم ولا مساكن يلجؤون اليها وان استجابة الدولة والرعاية الاجتماعية توقفت عن منح الرواتب لهم بسبب عدم وجود تخصيصات مالية لعدم اقرار الميزانية حتى الوقت الحالي ” .

 

تحدي المرأة للمجتمع

جيهان ليست المرأة الوحيدة التي تعمل بائعة في الاسواق فهناك سحر التي تبلغ من العمر ثمانون عاما ، لم يقف عمرها حاجزا أمام رغبتها في استمرار للعمل فهي تجلس لبيع المواد المنزلية وهي الاخرى امرأة توفي زوجها الذي كان يعمل نجارا منذ ان حل مرض كورونا وقد بقيت وحيدة بلا معيل ولديها خمسة اطفال لا يتجاوز اكبرهم الخامسة عشرة من العمر وهم طلاب في المدارس وتسكن مثل في بيت للإيجار.. بحسب قولها.

ونؤكد ” انا استلم راتب ولا معيل لنا ومن يشاهد وضعنا يبكي لحالنا فما احصل عليه من المال لا يكفي للعيش بسبب غلاء المعيشة وفواتير الماء والكهرباء الوطنية والاهلية ومصاريف الدار والمدارس”.

وأوضحت ” أني أجد في السوق الكثير من النساء ممن تعتمد على سوق العمل منهن ام علاوي التي تبيع الشاي و القيمر وسعاد التي تبيع المواد الغذائية “.

اقتربت مراسلتنا من سعاد بائعة المواد
الغذائية وسألتها عن سبب عملها في السوق فاوضحت ” انني ام لثلاثة ايتام ولا معيل لي وانا اخرج كل يوم في مناطق المدينة بعربة صغيرة لكي اشتري ما يبيعه الميسورين من المواد الغذائية كالطحين والرز والزيوت اضيفه الى حصتنا من المواد الغذائية واقوم ببيعها في السوق ولا استطيع ان احصل على ما يسد رمق اطفالي من الاكل والملابس لان اغلب الناس من الميسورين يبيعون حصتهم التموينية كونهم لا يأكلونها لأنها حسب قولهم انها لا تصلح للاكل فهي من المواد الرديئة ويشترون بديلا عنها من الأسواق “.

ملاحقة النساء بالقانون

وتشير الباحثة الاجتماعية الدكتورة زينب أحمد ” تتعرض النساء في عملهن الى مضايقات وتحرش فضلا عن الحملات التي تنفذها البلدية لرفع التجاوزات على الارصفة والاسواق ومطاردة الباعة وفرض غرامات على الاخرين ”

مؤكدة” ان البلدية تحاربنا في ارزاقنا واغلبنا لا محل له في السوق ولا يمكننا شراء او استئجار محل للبيع بسبب غلاء الإيجارات فحملات منع الباعة الذين يتخذون من الارصفة مستمرة لأنها تسعى الى تنظيم الشوارع والارصفة لإظهار المدينة بالشكل اللائق باعتبار النجف الاشرف من المدن التي يرتادها الزوار من مختلف انحاء العالم للزيارة او الاطلاع على معالمها الدينية وزيارة مراقد الائمة فيها ولا يصح ان تكون ارصفتها محلات للبيع فالنساء يمتهنن البيع والعمل في الأسواق ولا توفر الدولة بديلا وحلا لمشاكلهن فاغلب النساء تجلس على الارصفة او واجهات المحال لعرض البضائع المختلفة ومنهن من يبعن الالبسة المستعملة والعطور ومنهن من يبعن الادوية بأسعار اقل من اسعار الصيدليات ويتخذن من الاسواق اماكن لجلوسهن وعرض بضاعتهن ”

توفير حلول فورية اسوى بباقي النساء

وطالبت جيهان وباقي النساء العاملات الرعاية الاجتماعية بإيجاد حلول فورية لهن باعتبارهن يعشن حياة مأساوية وهن لا يملكن السكن اللائق ولا العمل الذي يستطيعن من خلاله العيش كما يعيشها الآخرون.

ويؤكد الموظفة في دائرة الرعاية الاجتماعية حياة فاضل ” أن جهود الحكومة في دعم المرأة وتخصيص راتب لها هي جيدة وخصوصا الأرملة والمطلقة ولكن المتقدمين لشمولهم براتب الرعاية اعدادا كبيرة وهي في تصاعد بسبب الفقر او العجز او عدم وجود الوظائف التي تستوعب العاطلين عن العمل من الخريجين فكيف بمن هو امي او لا يعرف القراءة والكتابة وتسعى الدولة جاهدة على الرغم من العجز المالي من توظيف اعداد كبيرة كعقود في دوائر الدولة لكن اعداد العاطلين تزداد يوميا ولا يمكن للدولة ان تقوم بتوظيف أكثر فيما حاولت الدولة رفع رواتب المتقاعدين والعقود بمبالغ قليلة جدا ربما لا تفي ونسبة ارتفاع الأسعار ”

 

فبين التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المرأة العاملة في الاسواق لكنها مجتهدة وتعتمد على نفسها في جوانب الحياة المختلفة وسط دعوات لتحسين ظروفهن المعاشية.

#Qarib

#شبكة_خطوة_للانباء

رئيس التحرير