الذهب يغوي بريقه المرأة

لم تلتفت انتصار ذات عمر الثلاثين عاما الى قول صديقاتها اللواتي تزوجن قبلها زواجا اعتياديا بمهر بسيط بسبب الحياة الاجتماعية في احدى القرى  كونها تعتقد ان زمنها يختلف عن زمن اللواتي تزوجن قبلها بمهور بسيطة او زمن امها التي تزوجت بمهر لا يعادل في الوقت الحاضر سوى قيراط من الفضة

 

انتصار طالبة في المرحلة الاعدادية  زادتها الحياة المدنية رفعة وتطلع الى حياة المدينة التي كانت بمختلف الانواع من المجوهرات الثمينة فكانت تتمنى ان يكون مهرها القلائد الذهبية والاسورة التي كانت تتميز بها اسواق قريتهاانتصار كانت تفكر ان مهرها لا بد ان يكون من اغلى واثمن الموجودات من القلائد الذهبية كونهاوهي تعبر كل يوم على سوق الصاغة كانت تتوقف متأملة ومتلهفة لارتداء تلك الاسورة اللماعة ذات البريق الذي يغري النساء وكانت تعتقد ان الذهب والمجوهرات تزيد المرأة جمالا وحسنا على حسنهن

 

ذات يوم كان بن العم الذي يعمل في احدى الشركات قد لمحها اثناء اجازة عمله وهي تنظر متلهفة تلك الاسورة اللماعة بعينيها  وهي تمر من امام احدى محلات الصياغة في طريقها الى المدرسةكانت عيناه لا تفارق عينيها وهي تنظر الى القلادة الذهبية المعلقة في متجر احد الصاغة فاقترب منهاوقال لها هامسا سيكون مهرك اغلى قلادة تقع عيناك عليها وسأشتري لك ما تشائين من اجمل الاسورةفرحت بالحديث الناعم والهمسات التي حدثها فيها بن عمها وهو ينظر اليها نظرة اعجاب قائلة أتدري كم هو سعر تلك القلادة يا ابن العم ضحك وامسك بيدها قائلا لا يغلى عليك شيء  فانت الحبيبة التي اريدها زوجة لي ولا اريد غيرها من النساء واضاف ولكن بشرط ان تكملي المرحلة الاعدادية بمعدل يؤهلك للدخول الى الجامعة

 

الحديث عن الذهب والمجوهرات وبريقها كان محط انظار الكثير من الفتيات اللواتي يفكرن بالزواج فالمهور بدت على ما يبدو خيالية امام الشباب اللذين يرغبون بالارتباط بزوجة من المدينةولكنها الحياة التي لا بد منها

 

وقفت انتصار تتأمل احدى القنوات الفضائية ذات يوم لتستمع الى حديث التاجر حول اسعار الذهب واسباب ارتفاعه قال احد الصياغ الذهب في القرية  ان سعر مثقال الذهب بدا يحلق عاليا اليوم قال السائل للصائغ بكم تشترون اليوم مثقال الذهب وبكم تبيعونه اجاب نشتري اليوم بسعر اربعمائة وثمانون الفا ونبيعه من خمسمائة وخمسون الى خمسمائة وثمانون حسب الموديلات

 

احمد يعمل في التجارة الحرة  اراد شراء ذهب الى زوجته سائلا الصائغ بكم تشترون اليوم مثقال الذهب وبكم تبيعونه وهل تتوقع ان هذه الاسعار ستستمر ام ان هناك انخفاض عليه الصائغ يقول نشتري اليوم بسعر اربعمائة وثمانون الفا ونبيعه من خمسمائة وخمسون الى خمسمائة وثمانون حسب الموديلات

الذهب بدا يرتفع قبل اسبوع تقريبا ويرتفع للأعلى بعد وعن اسباب ارتفاعه في هذه الايام قال : اول شيء البنك المركزي الفدرالي الذي بدا يؤثر على بيع الذهب عالميا وثانيا بسبب الحروب وما زالت هناك حروب في العالم فان اسعار الذهب سترتفع حتما وهذا اهم سبب سيستمر بالصعود اكثروعن حركة البيع والشراء قال  نحن ننصح الناس بالشراء اليوم لأننا نتوقع صعوده اكثر ولكن مع هذا فان حركة البيع والشراء صارت تتأثر كثيرا خوفا من المستقبل اخر وان سبب الصعود هو الامور السياسية في العالم والتي جعلت من الناس تتجه الى الملاذ الامن وهو شراء الذهب وهذا ما جعل الاقبال الشديد على شرائه من قبل الدول والارتفاع اليوم غير مسبوق نهائيا مع كثرة الطلب فمنذ اكثر من خمسة عشر سنة حتى الان لم يبلغ ارتفاعه لهذا الحد حتى ان الخبراء الاقتصاديين لم يكونوا يتوقعوا صعوده هكذا كنا نتوقع صعوده الى 2200 الى 2500 ولكنه اليوم الى نصف المليون

 

علاء ناشط بمجال تطوعي يقول ان الكثير من الشباب لا يقدر على الزواج بسبب  شراء المهر المشروط بالذهب حيث  ارتفاع اسعار الذهب والكثير من العوائل ترفض الموافقة على الزواج من الشباب دون المهر وقطع ذهبية حتى وان كانت صغيرة

 

ام نسمه مواطنة تسكن في القرى من المدينة التي كانت تعد مهرا لابنتها نسمه لا ادري سبب صعود الذهب اليوم ونحن لا نعرف شيئا فنحن نأتي لنشتري ونذهب واضافت قبل ايام  تم الشراء بقيمة ب خمسمائة وخمسة وعشرون ذهب ايطالي اليوم ستمائة الف تقريبا وهذا الارتفاع مؤذي جدا للمواطن فمن يريد ان يتزوج كيف يتزوج فهو يدفع ثلاثة ملايين مهرها لا يأتي الا بقطعتين فقط و انا انتظر اليوم لعل هناك نزولا عليه ولو انه كلما انتظر اجده يصعد اكثر ام نسمه تقول اننا نرى ان صعود اسعار الذهب ادت الى عزوف الكثيرين عن الزواج فالأعراس قلت بسبب هذا الارتفاع وطبعا هذا يؤدي الى ضرر المواطن

 

وما زال بريق الذهب يغري الكثير من الفتيات اللواتي يقدمن على الزواج

فهنية هي الاخرى تقول ان مهري كان خمسة ملايين دينار لكنني لم اجلب الا قطعتين فقط من الاسورة والخواتم الصغيرة ولم نجلب الا القليل ورغم ان اسعار الذهب بدأت بالارتفاع الكبير الا ان انتصار كانت تصر على ان تشتري ما يحلو لها من الذهب كون زوجها كان ميسور الحال فقد اشترت قلادة ذهبية بمبلغ خمسة ملايين دينار اضافة الى الاسورة التي تقدر بمليوني دينارورغم الارتفاع الحاصل وغير المسبوق في اسعار الذهب الا ان انتصار اصرت على تحقيق ما تصبو اليه لكون الذهب يعتبر امانا للمرأة عند الحاجه فهي تستطيع بيعه في اي وقت تحتاج فيه وان صعوده او نزوله لا يؤثر الا قليل

 

 

ان الذهب اليوم يعتبر ثروة اقتصادية للمرأة ومثارا للأعجاب فالنساء ما  زالن  يسارعن الى اقتنائه رغم اسعاره التي تلهب الظهور وان بريقه ما زال يغوي الكثير من الفتيات اللواتي يقدمن على الزواج وما انتصار الا واحدة من الفتيات اللواتي اخذت تتباهى ببريقه امام صديقاتها كونها فتاة تخطت ايام زواج امها او صديقاتها من فتيات القرى اللواتي يقنعن بالبسيط من الذهب

@Qarib

 

ِ

رئيس التحرير