نساء متسولات بالأطفال .. يستخدمن ادوية منومة

نساء متسولات بالأطفال .. يستخدمن ادوية منومة

 

 

 

خطوة: النجف الاشرف

ما ان تنبلج خيوط الفجر الاولى حتى تبدأ ام الايتام (كما تسمي نفسها) عملها مبكرا   لتجوب النجف القديمة التي تكتض بالفنادق والزوار القادمين للسياحة الدينية من مختلف دول العالم .

ترتدي ام الايتام، ذات الثانية والأربعين عاما عباءة وكفوفا سوداء وهي تحمل طفلا صغيرا لا يتجاوز عمره السنة لتمتهن التسول على الرغم من حرارة الشمس التي تكوي الطفل الرضيع بجمرها وهي تجلس على احد الأرصفة لتستجدي ، وتردد عبارات بصوت عال حزين ..( لخاطر الله ارحموني  .. عندي أيتام ساعدوني ..من مال الله ..الله يرزقكم ..) وغيرها من عبارة تستخدمها ام الايتام وباقي النساء من عائلتها التي تسكن معها ويمتهنن التسول بعد ان هاجروا من احدى المحافظات الجنوبية بسبب الجفاف .

سلوى ولكن ..

تقول ام الايتام التي تدعي ان اسمها الحقيقي سلوى ، انها مجبرة على هذا العمل بعد ان جاءت الى النجف لانها ام لعدد من الأطفال الذين توفي والدهم بحادث مروري قبل سبعة أعوام ، لكن عمر الطفل الصغير الذي ادعت انه ابنها اول مرة ،ثم عادت وأكدت انه ابن اختها المريضة التي تسكن معها في بيت صغير .

وتبين ” انا معيلة لعائلة كبيرة من نساء وأطفال و ام لأربعة بنات واولاد ، اخرج يوميا لغرض جمع المال من الزوار والناس لغرض العيش وانا مجبرة على هذا العمل على الرغم من الجو الحار والبارد ومطاردة الشرطة لنا ، والقاء القبض علينا مرات واطلاق سراحنا انا وعدد من النساء “

وتؤكد ” اني احصل على مبلغ من المال لا يكفي للعيش بسبب غلاء المعيشة وفواتير الماء والكهرباء الحكومية والأهلية وايجار الدار والمدارس ” .

20مليون واكثر..

وتعرف النجف الاشرف التي تبعد عن العاصمة بغداد ب176كم ، بانها من اهم المدن الدينية التي يقصدها اكثر من 20مليون زائر سنويا في المناسبات الدينية لوجود مرقد الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ومساجد قديمة كمسجد الكوفة والسهلة وعشرات المزارات الدينية مما جعلها مصدرا جذب كبير للعراقيين والعرب والأجانب لغرض العمل والسياحة وقد ساعد وجود مطار النجف الدولي على سهولة السفر اليها .

وعلى الرغم من الإجراءات الرادعة وعمليات ضبط المتسولين التي تتجاوز سنويا اكثر من 400 متسول بحسب احصائيات الجهات الأمنية في المحافظة وخصوصا النساء لكنهن سرعان ما يخرجن من قبضتهم بحجج واهية وبطرق من التحايل والاستعطاف بعد اخذ تعهد عليهن بان لا يعودن لممارسة التسول مرة أخرى.

 

ويؤكد الباحث الاجتماعي محمد الغالبي ” ان التسول ظاهرة في اغلب المدن السياحية في العالم وخصوصا الدينية ، وان المتسولات في العراق من النساء هن العدد الأكبر من المتسولين لأسباب كثيرة ، وهي ان المرأة تستخدم أساليب منها الصوت والنبرة الحزينة والاستجداء من خلال التوسل بالرموز المقدسة لدى الزوار ، فضلا عن وجود عوائل تمتهن التسول واغلب هذه النساء تتسول بالأطفال “.

وأضاف ” ان ما نلاحظه كثيرا هي ان الأطفال نائمون في احضان المتسولات لأنهن يستخدمن حبوب وشراب منوم لمنع حركة الطفل ، كما يستخدم الرجال بعض الأطفال والشباب من ذوي الإعاقة للاستجداء بهم ، وغيرها من الأساليب “.

واكد ” ان احد أصدقائي يعمل سائقا يروي لي بان هناك سيارة نوع كيا باص صغير  تحمل المتسولات والأطفال يوميا لتوزعهن على عدد من تقاطعات المدينة وازقتها واسواقها ” .

ملابس تحت خطر الفقر

من جانبه يبين احمد العلي مدير إدارة  لاحد الفنادق ” منذ اشهر وانا أرى احدى المتسولات في احد الاسواق الشعبية القريبة من فندقنا تفترش قطعة من القماش القديم والورق التي تجلبها معها يوميا لينام عليها اثنان من الاطفال الذين جلبتهم معها دون أي حركة ،اما الثالث فانه يجلس بعيدا بعض الشيء عنها غير ان عينيها تبقى مراقبة له من بعيد وكأنها لا تعرفه ،وقد البست الاطفال ملابس رثة اعتادت ان تلبسها لهم ليظهر عليهم اثار الفقر اما هي فتجلس ملتفة بعباءتها السوداء البالية لتمد يدها للعابرين من الناس الذين يخرجون للعمل او التبضع او المرور لقضاء حوائجهم او الزائرين وغيرهم من الوافدين وهي تردد عبارات (من مال الله , حسنة قليلة تدفع بلاوي كثيرة )تقولها بهدوء وانكسار “.

ويشير ” ان المتسولة تشعر المارة بانها محتاجة للنقود ولديها اطفال ولا معيل لها خلال جلوسها على قارعة الطريق لتستجدي اصحاب المروءة والرحم دون ان تثير حولها اي شك ،اما الطفل الثالث فانه يجلس منزويا بملابسه البالية التي يلبسها عند خروجه معها ويضع امامة علبة صغيرة ويخفي بين طيات ملابسه كيسا صغيرا يجمع فيه ما يجود به العابرين من عطايا نقدية وورقية حين تمتلئ العلبة بالنقود

 

 

 

ويوضح ” هكذا يمر الوقت بطيئا على المرأة والاطفال حتى وقت متأخر من حلول الظلام وحتى تنتظر قلة حركة العابرين فتقوم من مكانها وهي تحمل معها الاطفال الذين تجعلهم وسيلة للتسول دون ان تشعر الاخرين بقيامها واختفائها ” .

ويدافع العلي عن بعض المتسولات ” أرى ان من الرحمة والإنسانية مساعدة هذه النساء المحتاجات بسبب غلاء المعيشة ”

اما الناشطة في مجال حقوق المرأة   سوسن عبد الرضا فلها راي اخر مختلف عن النساء فهي تقول “انهن متسولات كثيرات واسمائهن وهمية كنديمة وسفانة ورحيمة ..الخ ، وكثيرا ما أرى النساء اللواتي يستخدمن الاطفال للتسول في امكان متفرقة كمقبرة وادي السلام وقرب المساجد والمزارات والأسواق ”

وعلى الرغم من اني ادافع عن حقوق المرأة الا اني ارفض بشدة أي استعطاف اتجاه هذه المتسولات لانهن يمتهنن العمل باستغلال حقوق الأطفال والتجاوز عليهم ولذا ادعوا الجهات الأمنية والاجتماعية الى عدم السماح لتدمير الطفولة وتعريض الطفل للموت بسبب كثرة استخدام الادوية المنومة اثناء التسول  ، واطالب بان تتولى الجهات الحكومية رصد هذه الحالات وتطبيق القانون وحماية الطفل من الاستغلال”،

 

لا ..للراتب

وعلى الرغم من وجود إجراءات حكومية لمعالجة ظاهرة التسول بالأطفال واستغلال الرجال للنساء أيضا في اجبارهن على التسول ودعوة هيئة الرعاية الاجتماعية لهذه النساء لكي يتقدمن للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية ولكن اغلبهن يدعين بعدم اكتفائهن من تلك المبالغ التي تمنحها الدولة لهن ، حيث لا تزيد تلك المبالغ عن مائة وخمسة وسبعون الف دينار وهذه المبالغ لا تسد تكاليف شراء الحليب للاطفال وايجار السكن والمأكل والمشرب والملبس اذ تقدم للنساء راتب شهري الا ان المتسولات لا يكتفين بالراتب بل تعودن على الحصول على النقود بشكل كبير بحيث بعضهن يكسب اكثر من 750 الف دينار الى مليونين دينار شهريا .

جريمة وعقاب 

ويرى المحامي جلال علي ” ان ظاهرة التسول في العراق هي ظاهرة اجتماعية واقتصادية خطيرة تنتشر بسبب الفقر والبطالة والحروب والنزوح والأزمات الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها البلادوان القانون العراقي يعاقب على جريمة التسول باعتبارها من الجرائم الاجتماعية في المادة (390 و 392) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969″.

وأضاف ” وفقا لهذه المواد يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن شهر كل شخص أتم الثامنة عشرة من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه أو كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد وجد متسولا في الطريق العام أو في المحلات العامة أو دخل دون إذن منزلا أو محلا ملحقا لغرض التسول” .

وبين ” تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر إذا تصنع المتسول الإصابة بجرح أو عاهة أو الح في الاستجداء.- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل شخص استغل طفلا” .

 

تسول بالملايين

مراسلة شبكة خطوة التقت مجموعة من النساء المتسولات اللواتي يحتضن تلك الاطفال وبعد الحديث معهن تعرفت على الطرق الملتوية التي يستأجرن بها الاطفال من عدد من العوائل من مناطق متفرقة ومن متسولات اخريات بغية استعطاف الناس .
وفي سؤال لمراسلتنا وهي تطرح سؤالا كزائرة للنجف الى مجموعة منهن حول المبالغ التي يجمعنها كل يوم،فقد اعترفت احداهن بانها تحصل يوميا على مبلغ لا يقل عن مائتي الف دينار ،يدفعن قسما منها لأجرة السيارة التي توزعهن ولاحد الرجال الذين يتولون حمايتهن من الاعتداء الذي قد يقع عليهن اثناء التسول ،وهناك اخريات اخبرنها بانهن يحصلن يوميا على مبالغ لا تقل عن مائتان وخمسين الف دينار يوميا في موسم الزيارات
.

ام الايتام، هي واحدة من مجموعة النساء المتسولات اللواتي تأتي بهم السيارة صباحا وتجمعهم مساءا، وتجد من ينتظرها ليسالها عن المبلغ الذي جمعتها ذلك اليوم فيستلمها منها ويعده يضعها في كيس بعد ان يسجل المبلغ في ورقة من الكارتون ومن ثم يمر بالسيارة على الباقيات ليجمعهن ويتوجه بهن الى مكان اقامتهن.

 

وعلى الرغم من انتشار المتسولات وقيام الأجهزة المختصة بمحاربة هذه الظاهرة الا ان تلك المهنة اصبحت يتكسب منها الكثيرون بهدف جمع الاموال الطائلة على حساب الاطفال وذلك ما يدعو الى القلق المستمر على مستقبل الاطفال وحرمانهم من التعليم والعيش بسلام .

#Qarib

رئيس التحرير