غربة الارواح غربة الضمائر        

غربة الارواح غربة الضمائر        

عندما وضعت الكتاب على الرف شعرت بطاقة جعلتني اذهب للخروج وعندما ارتدت معطفي الرمادي عكس بعض الايام والتي كنت اشعر فيها بنوع من الياس ويلوح الوجع صفقت الباب خلفي و  اخذت احدق في الشوارع التي امتلات رغبة في ان اذهب بعيدا شعرت ان كل شيء غريبا على نفسي فالغربة مصيبة لن يعرفها الا من عاشت روحه معها وجدت نفسي على امواج النهر مع النوارس اتسابق مع الحزن

عفراء تلك المرأة الريفية(36)  كانت تعيش احلى ايام شبابها في قريتها  التي تبعد قليلا عن النجف المدينة كانت قد تعلمت في مدارسها واستقت علومها الاولية فيها

تقول حين اجبرت على مغادرتي هاربة من جحيم وظلم قبيلتها لم أكن أعرف شيئا عن الفصلية  والحكم بالموت حين اصبحت على اصوات رجال القبيلة وهم يطالبون بالقصاص من اخي الذي دهس بطريق الصدفة  بسيارة الشركة التي يعمل فيها وهو في طريقه الى العمل احد ابناء قبيلة اخرى وهو في طريقه الى العمل حيث كان ينقل عددا من العمال من مساكنهم الى دوائرهم ويعيدهم بعد الانتهاء من العمل الى بيوتهم مرة اخرى

انتظرت ذلك اليوم عودته لكنها للأسف الشديد كان انتظارا ميؤوسا منه حيث لا رجعة لمن حكمت عليه احكام العشيرة اما بدفع الدية او فصل اهل المجني عليه وانا اعلم ان اخي كان متأنيا في قيادة سيارته ولم يكن له قصد في الاعتداء على احد

 

 

خرجت عفراء من بيتها مخلفة وراؤها ذكريات طفولتها وايام شبابها هاربة من جحيم لا تدري نهاية له  دون ان تودع احدا من اقربائها واتجهت الى بيت احد اقربائها الذي نصحها بان تغادر الى مكان اخر لا سلطة للقبيلة عليه مكان يمكن ان تأوي اليه فالعشيرة الاخرى  سوف تكون هي الضحية امام رجالها وهي لا تفهم مما يجري حولها سوى انها تؤدي صلاتها و صيامها دون تدخل في الامور الاخرى

كانت وجهتها اول الامر الى المناطق الشمالية  البعيدة في البلاد مع ابن اخيها الصغير الذي كانت قد احبته وربته منذ الطفولة  لتنجو بنفسها من اخذها فصلية بعد ان طالبت عشيرة الرجل التي دهسته سيارة اخيها بدفع الدية

 

وتقول عفراء لقد عانينا الامرين في سفرتنا  نقودنا كانت قليلة هي الان تعيش غربة روحها في مكان كانت وجهتها اليه مع  ابن اخيها الصغير

غريبة لا تملك سوى بضعة وريقات من النقود كانت تحتفظ بها وحليها التي كانت تتبجح بها امام بنات القرية عند خروجها مع اهلها اثناء زيارة احد اقربائهم في تلك القرية اليوم  بالغربة الشديدة والحنين الى ارضها ومسكنها وعشيرتها بعد ان تغيرت امور بلدها معتقدة ان عودتها افضل بكثير من بقائها في مناطق الغربة  كان في احد الجوامع المنطقة التي تسكن فيها وجدا ظالتهما فيها

والتي كان يقدم عددا من الميسورين مجموعة من خدمات الاستجابة لحالات الفقراء والمحتاجين  المواد الغذائية والرعاية والمساعدات الاجتماعية في سبيل المعيشة ومساعدة المشردين على العيش بكرامة ودعم انفسهم والتي لجئا اليه بادئ الامر والتي سبق وان عرفهما اليه احد ابناء القرية  اللذين يريدون الخير ويسعون اليه

وقد ذكرت مؤسسة – انسانية  – متخصصة بشؤون الفقراء المحتاجين العراقيين خلال خمس سنوات الماضية  ممن يعيشون على المعونات الاجتماعية من ميسوري الحال هناك عددا كبير

هؤلاء الفقراء المحتاجين  حسب ما ذكرته المنظمات الانسانية اضطروا الى اللجوء الى مناطق بعيدة عن مناطقهم اما طلبا للرزق او بسبب شحة المياه او بسبب المشاكل العشائرية وحالات الخلاف بين القبائل الاخرى

 

كما اعلنت المنظمة الانسانية  ان العراق يحتل مركزا متقدما بإعداد النازحين من مناطق سكناهم الى مناطق اخرى في البلاد

وتقول عفراء ان غربتها غربة روح عن منطقتها وعاداتها وعشيرتها وصديقاتها اللواتي كانت تستأنس بهم وتخالطهم من اللواتي تربت وعاشت وكبرت وتزوجت بينهم

وتشير السيدة انمار العراقي والتي تعمل بمؤسسة انسانية  قائلة ان  الشتات العراقي الى العراقيين الاصليين الذين غادروا الى مناطق اخرى يعتبر اليوم احد اكبر الشتات في العصر الحديث حيث وصفته بان ازمة انسانية سببتها العادات والتقاليد الاجتماعية والقبلية وقلة الرزق والماء في مناطق الارياف ومدن الجنوب واضافت ان العراقيين المغادرين مناطقهم  ارواحهم تحن الى اماكنهم وهم يأملون ان يستطيعوا العودة الى مسقط رؤوسهم بعد التشريعات التي اصدرتها الدولة لتحميهم من العادات القديمة من اخذ الفصل والجزية وايصال المياه الى الارياف والقرى النائية وما الى ذلك

 

وما زالت عفراء تلك الفتاة التي لا تعرف مصير اخيها تتمنى ان  تستيقظ الضمائر وتشعر بالوجع الذي حل بمن غادروا ارضهم مجبرين الى مناطق غريبة هربا من العادات والتقاليد السائدة آنذاك

عفراء نحن هنا ارواح غريبة لا تعرف الاستقرار حالنا حال الكثير من الذين ازرى بهم الدهر فاتجهوا الى  مناطق اخرى مبتعدين عن الموت الذي يلاحقهم وهذا حال الكثيرين من جنسها من العراقيين الذين خرجوا تاركين بيوتهم واموالهم هاربين من اعراف القبائل التي حكمت على اهاليهم او التاركين اراضيهم بسبب قلة الرزق وشحة المياه في مناطقهم

 

اليوم وبعد عودتها الى عشيرتها التي لم تجدها كما كانت في السابق فقد تغيرت عليها الشوارع والمنازل وبعد حديث طويل اكدت لها انها تعتقد ان ضمائر العراقيين حية مهما  باعدت بينهم المسافات رغم ما دخل عليهم من تغيير في حياتهم وهي اليوم تحس بالفرح كونها وجدت في منطقتها من يرحب بها ويعيد لها حقوقها التي سلب

داعية كل الذين حدث لهم مثل ما حدث لها  العودة الى ارضهم التي تركوها رغما عنهم فالبلاد قد تغيرت والامور قد تحسنت وهي تأمل ان يعم الامن والسلام في ربوع وطنها من اجل عودة كل من ترك ارضه واهله  الى احضان قريته التي عاش فيها

#QaribMedia

رئيس التحرير