النباشات نساء يجمعن النفايات من اجل العيش

 

منذ الصباح الباكر وقبل اذان الفجر حين كان الناس  في نوم عميق تخرج ام عباس حاملة كيسين من اكياس الرز الفارغ مؤتزرة بعباءتها السوداء وشيلتها التي غطت بها وجهها متجهة لتعانق بحميمية بالغة حاوية قريبة من المناطق السكنية  لتخرج منها اكياس النفايات التي يلقي بها اصحاب البيوت القريبة تفتش فيها لتخرج منها بعض العلب  البلاستيكية الفارغ  من المشروبات الغازية لتضعها في احد الاكياس ثم تجمع في الكيس الاخر بعض ما يخلفه الناس في المنطقة من بقايا  الخبز اليابس وبعض بقايا الطعام

 

وام عباس تسكن في احدى دور التجاوز  وهي تعيش مع عائلتها بحالة يرثى لها فهي متزوجة من رجل كبير ومصاب بالشلل الرعاشي اجبرتها الظروف على المعيشة الصعبة امرأة مكافحة تجدها كل صباح معانقة حاويات النفايات القريبة من البيوت السكنية  لتجمع منها تلك المتروكات من العلب الفارغة وبقايا الخبز اليابس وبعض الاكل الملقى في تلك الحاويات بعد اخذها لغرض بيعها الى صاحب احد المحال الذي بدوره يجمعها بعد كبسها الى تاجر اخر ليحولها الى اواني او علبا جديدة مرة اخرى  وتقول واجمع من وبعض العلب الفارغة ومبلغ الكيس الواحد بإلف دينار الى الفي دينار حسب وزن الكيس اما الخبز اليابس يباع الكيس بثلاثة الاف دينار حيث اجمع يوميا كيس الى كيسين من العلب الفارغة وربما نصف الكيس من الخبز اليابس اما بقايا الطعام والخبز غي اليابس فاجمعه طعاما لبناتي الأربعة  وزوجي

 

ام محسن امرأة اخرى تبحث في مكب النفايات العام مع مجموعة من ابنائها الصغار الذين لا تتجاوز اعمارهم سن الخامسة عشرة يصعدون متعلقين بسيارات النفايات ليستطيعوا جمع ما فيها قبل ان يتجمع الاخرون امثالهم عليها وهي ليست افضل من ام عباس فهي تسكن ايضا في مناطق العشوائيات وتعيش وابنائها وزوجها تحت خط الفقر تقول ولا مورد لنا سوى ذلك العمل فلا مدارس ولا تعليم ولا حياة سوى تلك الموارد التي تأتي من مخلفات سيارات النفايات اجبرتنا الحياة ان نعيش هكذا وانا خائفة على ابنائي من الامراض لكن لايوجد  لدينا

 

الناشط مدني احمد حميد يقول تلك العائلات تصنف تحت خط الفقر كونها غير قادرة على إيجاد لقمة العيش فضلا عن انعدام الخدمات في مناطق سكنهاوان هذا العمل  يعتبر من اخطر الاعمال وهي جمع المخلفات من النفايات حيث توجد نفايات مخلفات المستشفيات وما تحملها من امراض عدوى ومخاطر ونلاحظ ان من يعمل بهذا العمل  مثل ارتداء ملابس وقفازات وأقنعة واقية يتوجب عليهن توفير معدات الحماية الشخصية للحفاظ على سلامتهن ويجب عليهن الحصول على فحوصات طبية دورية للكشف المبكر عن أي أمراض محتملة نتيجة للتعرض المستمر للظروف البيئية الضارة  يجب التوعية حول المخاطر الصحية الناتجة من  جمع النفايات والمخلفات الصحية وتوفير خدمات الرعاية الصحية المناسبة للنساء. علاوة  اضافة الى توفير وايجاد فرص عمل أخرى آمنة ومستدامة للنساء في العراق ليمكنهن الحصول على دخل كافٍ لتلبية احتياجاتهم واحتياجات أسرهم

 

سائق لإحدى مركبات نقل النفايات يقول  صكبان فاهم عملنا يبدأ منذ الصباح الباكر مع شروق الشمس في جمع النفايات من الشوارع العامة  والساحات لنتوجه بعدها إلى مكبات النفايات   وما يسمى الطمر الصحي وحال دخولنا نشاهد جمع من الأطفال والنساء بانتظارنا جامعي النفايات نسميهم “النبّاشة” وهم من الأطفال والنساء بسبب الفقر وهم يعتبرون هذه النفايات خلاصهم من الفقر لسد معيشتهم

 

الباحثة الاجتماعية ضمياء العراقي  تقول ان الكثير من هؤلاء العوائل لا مهنة لهم سوى جمع تلك المخلفات من العلب الفارغة والفافون وما يتركه الناس من مخلفات وتضيف ان التعليم لديهم صفر من مجموعهم فهم اصلا لا يرغبون بالتعليم ولا يأبهون له كونهم لا معيشة لهم سوى امتهان تلك المهنة وهم يعيشون حياة بدائية فهم يبيعون العلب الفارغة لتحويلها من قبل المعامل الى علب جديدة اما الخبز اليابس فهم يبيعونه الى محلات تربية الدواجن ومزجه مع الاكل الكيمياوي علفا للدجاج كما يستفيدون من بعض الاطعمة غير الفاسدة لأكلهم نحن بحاجة لمساعدتهم بتوفير بيئة عيش ملائمة لهم والحاجة لتحسين أوضاعها المعيشية والصحية وتحقيق ظروف العمل اللائق لها وتوفير الحماية الاجتماعية هي من أولويات الحكومة

 

الناشطة بمجال شؤون المرأة والاسرة والطفل هيام عبد تقول كنا  نتأمل خيرا بقرار مجلس الوزراء تطبيق الاستراتيجية الوطنية الثانية للتخفيف من الفقر في العراق (2018 – 2022) منها مبادرة توزيع الأراضي للعائلات الفقيرة والتي تهدف هذه الاستراتيجية إلى تقليص معدلات الفقر في العراق وتحدد بوضوح أولويات تحسين فرص وصول الفقراء إلى الخدمات الأساسـي ولا سيما الفئات الأكثر عرضةً للمخاطر بما في ذلك النساء الأطفال فضلاً عن توفير آليات الحماية الاجتماعية المستدامة لهم وأكدت إحصاءات رسمية أنَّ نسبة الفقر ارتفعت في العراق بسبب النزوح والتهجير والحروب الداخلية المستمرة فيما لا تمتلك الحكومة العراقية خططاً واضحة لمعالجة الفقر الشديد بحسب المراقبين

 

ام عباس واحدة من النساء اللواتي يقمن بمثل عملها في اغلب المنطقة يعملن منذ الفجر وحتى شروق الشمس ليجمعن من تلك الحاويات المنتشرة العلب الفارغة وبقايا الخبز ومخلفات الطعام من اجل  بيعها والحصول  على المبالغ الزهيدة والالاف من امثال ام عباس ينتظرون يوميا في مكب النفايات العام يقومون بنبش ما تأتي به سيارات جمع النفايات وهم يقومون بالتعلق بها حتى تفرغ ما فيها يجمعون تلك المخلفات التي تركها سكان المناطق المختلفة ليجمعوا في اكياسهم لتجهيزها للبيع الى اصحاب محلات متخصصة بشرائها ويستفيدوا من بقايا الخبز اليابس وبعض مخلفات الطعام تحت مستقبل مجهول لعوائلهم التي اعتادت هذا العمل الذي واصفة الجميع بالخطر عليهم

@Qarib

 

 

 

 

 

 

رئيس التحرير