بنين.. من طالبة الى ناشطة بيئية تكافح التصحر بزراعة الألاف الأشجار

خطوة / العراق
في صباح ترتدي فيه السماء صفائها كانت خيوط الشمس تتسلل بخجل بين الأشجار وهي تعانق الأوراق المبللة بالندى بينما الفراشات تراقص الريح هناك
وسط هذا المشهد البهي جلست بنين ابو صيبع، بثوبها البسيط ذي الألوان الترابية وحجابها الأبيض، تتأمل ورقة خضراء بين يديها. قالت وهي تنظر بدهشة إلى الفراشات كنت أشعر أن هناك سحرا يربطني بالأرض وأن عليّ أن أحمي هذا الجمال.
الطفولة.. بذرة الحب الأولى
نشأت بنين ذات الثلاثين عاما في بيت يعرف قيمة الأرض والنخيل والدها ووالدتها كانا يحكيان لها قصص الماضي عن الحقول العامرة. وتضيف أسرتي غرست في قلبي حب الزراعة، وكان والداي يشجعانني على الاعتناء بالنباتات الصغيرة، فكبر شغفي مع كل عام، أخضر ويانع في داخلي.
من الجامعة إلى العمل التطوعي
حين التحقت بكلية الإدارة والاقتصاد، لم تكتف بالدراسة بدأت بتنظيم حملات تنظيف وتشجير داخل الكلية، رغم تساؤلات زملائها. وتقول كثيرون لم يفهموا جدوى هذه الحملات، لكنني كنت أؤمن أن كل شتلة نزرعها هي حياة جديدة، وأن تغيير العالم يبدأ بخطوة صغيرة.
تحديات امرأة عراقية
لم يكن المشوار سهلا تروي بنين واجهت نقصا في الموارد وقلة في الدعم، وأحيانا نظرات استهزاء ممن اعتبروا أن العمل البيئي ترف أو هواية نسائية لكنني لم أعرف اليأس يوما.
وبعد تعيينها موظفة في وزارة التربية، أدركت أن التغيير الحقيقي يبدأ من المدارس، حيث تتشكل الأجيال.
مشروع “مدرستي خضراء”
من هنا انطلقت مبادرتها مدرستي خضراء جمعت الطلاب والمعلمين، وغرست معهم آلاف الأشجارتقول “كنت أشرح للأطفال أن كل ورقة خضراء تساعد في تنقية الهواء وتخفيف حرارة الصيف. كنت أرى الفخر في عيونهم كلما كبرت الشتلات التي زرعوها بأيديهم
يصفها أحد المعلمين بنين لم تكن تزرع شجرة فقط، بل كانت تزرع الأمل في نفوسنا جميعا.
أما إحدى الطالبات فتقول تعلمت منها أن البيئة مسؤولية كل فرد، وصرت أشجع أسرتي على زراعة النباتات.
الشراكات والانتشار الوطني
جهودها لفتت أنظار منظمات المجتمع المدني. شاركت في مؤتمرات ومبادرات بيئية. ويؤكد أحد ممثلي الجمعيات بنين تمتلك روحا قيادية وقدرة على الإقناع، استطاعت أن تجعل التشجير نشاطا ممتعا وذا معنى.
مواجهة التصحر والجفاف
مع تصاعد أزمة المناخ في العراق، ركزت بنين على زراعة الأشجار المقاومة للجفاف، ونفذت حملات توعية في المدارس الريفية. تقول كان علينا مواجهة الواقع بجرأة. كنا نزرع الأشجار ونشرح للناس أهمية الحفاظ على المياه. رأيت عيون الأطفال تلمع حين أخبرناهم أنهم قادرون على تغيير مستقبل مدينتهم.
أثر ممتد إلى البيوت
أثر بنين لم يبق في المدارس فقط تقول إحدى الأمهات ابنتي عادت من المدرسة تحمل شتلة صغيرة وتصر على الاعتناء بها. لم أرها متحمسة بهذا الشكل من قبل.
هذا التغير انعكس على الأسر، فتحول الاهتمام بالبيئة إلى سلوك يومي.
المرأة صانعة التغيير
رغم التحديات، أثبتت بنين أن المرأة قادرة على القيادة في مجال اعتبره البعض ترفا. تقول رسالتي أكبر من كل المعوقات، وأؤمن أن الفتيات قادرات على أن يكنّ رائدات في خدمة مجتمعهن.
رؤية لمستقبل أخضر
تحلم بنين بعراق أخضر. تضيفأحلم أن أرى كل مدرسة وحي وحديقة خضراء، وأن يصبح العراق رمزا للأمل البيئي في المنطقة.
وتخطط لإطلاق منصة رقمية لتعليم الأطفال الزراعة، وتأسيس مشتل مدرسي لتزويد المدارس بالشتلات، والعمل على إدراج التربية البيئية كمادة أساسية في المناهج.
بذرة الأمل
قصة بنين ليست مجرد تجربة فردية، بل نموذج لإصرار امرأة حولت شغفها بالطبيعة إلى مشروع وطني. من خلال مدرستي خضراء، ومن حملات التشجير، ومن رسالتها المتفائلة، زرعت بذور حياة جديدة في أرض عطشى، وأثبتت أن التغيير قد يبدأ بورقة خضراء صغيرة، لكنه قادر على أن يصنع مستقبلا أكثر إشراقا.
QaribMedia#